وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) ﴾
ظاهر السياق يقتضي أن المراد بالناس المشركون فإن الحديث مسوق لهم فكأنه قيل : قل يا أيها المشركون المستعجلون بالعذاب إنما أنا منذر لكم إنذاراً بينا بما أوحى إلي من أنباء الأمم المهلكة من غير أن يكون لي دخل في اتيان ما تستعجلون من العذاب الموعود حتى تستعجلوني به فوجه الاقتصار على الإنذار ظاهر، وأما وجه ذكر المؤمنين وثوابهم
﴿ فالذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾
فالزيادة في إغاظة المشركين فهو بحسب المآل إنذار، ويجوز أن يقال : إن قوله سبحانه :﴿ فالذين ءامَنُواْ ﴾ الآية تفصيل لمن نجع فيه الإنذار من الناس المشركين ومن بقي منهم على كفره غير ناجه فيه ذلك كأنه قيل : أنذر يا محمد هؤلاء الكفرة المستعجلين بالعذاب وبالغ فيه فمن آمن ورجع عما هو عليه فله كذا ومن داوم على كفره واستمر على ما هو عليه فله كذا، واختاره الطيبي وهو كما في الكشف حسن وعليه لا يكون التقسيم داخلاً في المقول بخلاف الوجه الأول.
وقال بعض المحققين : الناس عام للمؤمن والكافر والمنذر به قيام الساعة، وإنما كان ﷺ نذيراً مبيناً لأن بعثه عليه الصلاة والسلام من اشراطها فاجتمع فيه الإنذار قالا وحالا بقوله :﴿ أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [ الحج : ٤٩ ] كقوله ﷺ الثابت في الصحيحين " أنا النذير العريان " وقد دل على ذلك تعقيب الخطاب بالإنذار تفصيل حال الفريقين عند قيامها اه.