٩- عن محمد بن فضالة الظفري، والمطلب بن عبدالله بن حنطب قالا: "رأى رسول الله ﷺ من قومه كفّاً عنه، فجلس خالياً، فتمنى فقال: ليته لا ينزل عليّ شيء ينفّرهم عني، وقارب رسول الله ﷺ قومه، ودنا منهم، ودنوا منه، فجلس يوماً مجلساً في ناد من تلك الأندية حول الكعبة، فقرأ عليهم (والنجم إذا هوى (١) [النجم]، حتى إذا بلغ: (أفرأيتم الاّت والعزى(١٩) ومناة الثالثة الأخرى(٢٠) [النجم]، ألقى الشيطان كلمتين على لسانه: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى"، فتكلم رسول الله ﷺ بهما ثم مضى، فقرأ السورة كلها، وسجد وسجد القوم جميعاً، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، ويقال: إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ تراباً فسجد عليه رفعه الى جبهته، وكان شيخاً كبيراً، فبعض الناس يقول: إنما الذي رفع التراب الوليد، وبعضهم يقول: أبو أحيحة، وبعضهم يقول: كلاهما جميعاً فعل ذلك. فرفضوا بما تكلم به رسول الله ﷺ وقالوا قد عرفنا أن الله يحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، وأما إذ جعلت لها نصيباً فنحن معك، فكبُر ذلك على رسول الله ﷺ من قولهم، حتى جلس في البيت، فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام، فعَرَض عليه السورة فقال جبريل: جئتك بهاتين الكلمتين؟!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قُلتُ على الله ما لم يقل، فأوحى الله إليه: (و إن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لا تخذوك خليلاً (٧٣) ولولا أن ثبتناك لقد كِدت تركنُ إليهم شيئاً قليلاً (٧٤) إذاً لأذقناك ضعفَ الحياة وضعفَ المماتِ ثمّ لا تجدُ لك علينا نصيراً (٧٥) [الإسراء].