وقال بعضهم : هما سواء ؛ واحتج بالآية، وبقوله تعالى :﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الموت فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ الله ﴾ [ النساء : ١٠٠ ]، وبحديث أمّ حَرام ؛ فإنها صُرعت عن دابتها فماتت ولم تُقتل فقال لها النبيّ ﷺ :" أنت من الأوّلين "، وبقول النبيّ ﷺ في حديث عبد الله بن عَتيك :" من خرج من بيته مهاجراً في سبيل الله فخرّ عن دابته فمات أو لدغته حية فمات أو مات حَتْفَ أنفه فقد وقع أجره على الله ومن مات قَعْصاً فقد استوجب المآب " وذكر ابن المبارك عن فضالة بن عبيد في حديث ذكر فيه رجلين أحدهما أصيب في غَزاة بِمَنْجَنيق فمات والآخر مات هناك ؛ فجلس فضالة عند الميت فقيل له : تركت الشهيد ولم تجلس عنده؟ فقال : ما أبالي من أيّ حفرتيهما بُعثت ؛ ثم تلا قوله تعالى :﴿ والذين هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ قتلوا أَوْ مَاتُواْ ﴾ الآية كلها.
وقال سليمان بن عامر : كان فضالة برُودس أميراً على الأرباع فخُرِج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوَفّى ؛ فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته ؛ فقال : أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل! فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أيّ حفرتيهما بُعثت، اِقرءوا قوله تعالى :﴿ والذين هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ قتلوا أَوْ مَاتُواْ ﴾.
كذا ذكره الثعلبي في تفسيره، وهو معنى ما ذكره ابن المبارك.
واحتج من قال : إن للمقتول زيادةَ فضل بما ثبت عن رسول الله ﷺ " أنه سئل : أيّ الجهاد أفضل؟ قال :"من أُهْرِيق دمُه وعُقر جوادُه" " وإذا كان من أهريق دمه وعُقر جواده أفضلَ الشهداء عُلم أنه من لم يكن بتلك الصفة مفضول.
قرأ ابن عامر وأهل الشام "قُتّلوا" بالتشديد على التكثير.
الباقون بالتخفيف.
﴿ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ ﴾ أي الجِنان.


الصفحة التالية
Icon