وقال الآلوسى :
﴿ الملك ﴾ أي السلطان القاهر والاستيلاء التام والتصرف على الإطلاق ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يوم إذا تأتيهم الساعة أو عذابها ؛ وقيل أي يوم إذ تزول مريتهم وليس بذلك، ومثله ما قيل أي يوم إذ يؤمنون ﴿ لِلَّهِ ﴾ وحده بلا شريك أصلاً بحيث لا يكون فيه لأحد تصرف من التصرفات في أمر من الأمور لا حقيقة ولا مجاز أو لا صورة ولا معنى كما في الدنيا فإن للبعض فيها تصرفاً صورياً في الجملة والتنوين في إذ عوض عن المضاف إليه، وإضافة يوم إليه من إضافة العام إلى الخاص وهو متعلق بالاستقرار الواقع خبراً، وقوله سبحانه :﴿ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾ جملة مستأنفة وقعت جواب سؤال نشأ من الاخبار بكون الملك يومئذ لله، وضمير الجمع للفريقين المؤمنين ولكافرين لذكرهما أولاً واشتمال التفصيل عليهما آخراً، نعم ذكر الكافرين قبيلة ربما يوهم تخصيصه بهم كأنه قيل : فماذا يصنع سبحانه بالفريقين حينئذ؟ فقيل : يحكم بينهم بالمجازاة، وجوز أن تكون حالاً من الاسم الجليل ﴿ فالذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ وهم الذين لا مرية لهم فيما أشير إليه سابقاً كيفما كان متعلق الايمان ﴿ فِي جنات النعيم ﴾ أي مستقرون في جنات مشتملة على النعم الكثيرة.
﴿ والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بآياتنا ﴾ وهم الذين لا يزالون في مرية من ذلك، وفي متعلق الكفر احتمالات كاحتمالات متعلق الايمان وزيادة وهي احتمال أن يكون متعلقه الآيات، والظاهر أن المراد بها الآيات التنزيلية، وجوز أن يراد بها الأدلة وأن يراد بها الأعم ويتحصل مما ذكر خمسة عشر احتمالاً في الآية، ولعل أولاها ما قرب به العطف إلى التأسيس فتأمل، والموصول مبتدأ أول وقوله تعالى :﴿ فَأُوْلَئِكَ ﴾ مبتدأ ثان وهو إشارة إلى الموصول باعتبا راتصافه بما في حيز الصلة، وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد المنزلة في الشر والفساد.