﴿ والذين هَاجَرُواْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ أي في الجهاد حسبما يلوح به قوله تعالى :﴿ ثُمَّ قُتِلُواْ أَوْ مَاتُواْ ﴾ أي في تضاعيف المهاجرة.
وقرأ ابن عامر ﴿ قاتلوا ﴾ بالتشديد، ومحل الموصول الرفع على الابتداء، وقوله تعالى :﴿ لَيَرْزُقَنَّهُمُ الله ﴾ جواب لقسم محذوف والجملة خبره على الأصح من جواز وقوع القسم وجوابه خبراً، ومن منع أضمر قولاً هو الخبر والجملة محكية به، وقوله سبحانه :﴿ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ أما مفعول ثان ليرزق على أنه من باب النقض والذبح أي مرزوقاً حسناً أو مصدر مبين للنوع، والمراد به عند بعض ما يكون للشهداء في البرزخ من الرزق، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي حاتم.
وابن مردويه عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" من مات مرابطاً أجرى عليه الرزق وأمن من الفتانين " واقرؤا إن شئتم ﴿ والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ حليم ﴾ [ الحج : ٥٨-٥٩ ] وقد نص سبحانه في آية أخرى على أن الذين يقتلون في سبيل الله تعالى أحيا عند ربهم يرزقون وليس ذلك في تلك الآية إلا في البرزخ وقال آخرون : المراد به ما لا ينقطع أبداً من نعيم الجنة.
ورد بأن ذلك لا اختصاص له بمن هاجر في سبيل الله ثم قتل أو مات بل يكون للمؤمنين كلهم.
وتعقب بأن عدم الاختصاص ممنوع فإن تنكير ﴿ رِزْقاً ﴾ يجوز أن يكون للتنويع ويختص ذلك النوع بأولئك المهاجرين، وقيل المراد تشريفهم وتبشيرهم بهذا الوعد الصادر ممن لا يخلف الميعاد المقترن بالتأكيد القسمي ويكفي ذلك في تفضيلهم على سائر المؤمنين كما في المبشرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفيه نظر.