ولم يصح شيء من هذا، ولا ثبت بوجه من الوجوه، ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، قال الله :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ﴾ [ الحاقة : ٤٤، ٤٦ ].
وقوله :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى ﴾ [ النجم : ٣ ].
وقوله :﴿ وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ ﴾ [ الإسراء : ٧٤ ].
فنفى المقاربة للركون فضلاً عن الركون.
قال البزار : هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبيّ ﷺ بإسناد متصل.
وقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ثم أخذ يتكلم أن رواة هذه القصة مطعون فيهم.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة : إن هذه القصة من وضع الزنادقة.
قال القاضي عياض في الشفاء : إن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه، لا قصداً ولا عمداً ولا سهواً ولا غلطاً.
قال ابن كثير : قد ذكر كثير من المفسرين ها هنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرين إلى أرض الحبشة ظناً منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح.
وإذا تقرّر لك بطلان ذلك عرفت أن معنى ﴿ تمنى ﴾ : قرأ وتلا، كما قدّمنا من حكاية الواحدي لذلك عن المفسرين.
وكذا قال البغوي : إن أكثر المفسرين قالوا معنى ﴿ تمنى ﴾ : تلا وقرأ كتاب الله، ومعنى ﴿ أَلْقَى الشيطان فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ أي في تلاوته وقراءته.
قال ابن جرير : هذا القول أشبه بتأويل الكلام، ويؤيد هذا ما تقدّم في تفسير قوله :﴿ لاَ يَعْلَمُونَ الكتاب إِلاَّ أَمَانِىَّ ﴾ [ البقرة : ٧٨ ].
وقيل : معنى ﴿ تمنى ﴾ : حدّث، ومعنى ﴿ أَلْقَى الشيطان فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ في حديثه، روي هذا عن ابن عباس، وقيل : معنى ﴿ تمنى ﴾ : قال.