وقال أبو حيان :
﴿ لكل أمة جعلنا منسكاً ﴾
روي أنها نزلت بسبب جدال الكفار بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان الخزاعيين وغيرهما في الذبائح وقولهم للمؤمنين : تأكلون ما ذبحتم وهو من قتلكم، ولا تأكلون ما قتل الله فنزلت بسبب هذه المنازعة.
وقال ابن عطية ﴿ هم ناسكوه ﴾ يعطى أن المنسك المصدر ولو كان الموضع لقال هم ناسكون فيه انتهى.
ولا يتعين ما قال إذ قد يتسع في معمول اسم الفاعل كما يتسع في معمول الفعل فهو موضع اتسع فيه فأجرى مجرى المفعول به على السعة، ومن الاتساع في ظرف المكان قوله :
ومشرب أشربه رسيل...
لا آجن الماء ولا وبيل
مشرب مكان الشرب عاد عليه الضمير، وكان أصله أشرب فيه فاتسع فيه فتعدى الفعل إلى ضميره ومن الاتساع سير بزيد فرسخان.
وقرىء ﴿ فلا ينازعنك ﴾ بالنون الخفيفة أي أثبت على دينك ثباتاً لا يطمعون أن يجذبوك، ومثله ﴿ ولا يصدنك عن آيات الله ﴾ وهذا النهي لهم عن المنازعة من باب لا أرينك ههنا، والمعنى فلا بد لهم بمنازعتك فينازعوك.
وقرأ أبو مجلز ﴿ فلا ينازعنك ﴾ من النزع بمعنى فلا يقلعنك فيحملونك من دينك إلى أديانهم من نزعته من كذا و﴿ الأمر ﴾ هنا الدين، وما جئت به وعلى ما روي في سبب النزول يكون ﴿ في الأمر ﴾ بمعنى في الذبح ﴿ لعلى هدى ﴾ أي إرشاد.
وجاء و﴿ لكل أمة ﴾ بالواو وهنا ﴿ لكل أمة ﴾ لأن تلك وقعت مع ما يدانها ويناسبها من الآي الورادة في أمر النسائك فعطفت على أخواتها، وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفاً قاله الزمخشري.


الصفحة التالية
Icon