ونبه بالإماتة والإحياء الثاني على نعم الدين علينا، فإنه سبحانه وتعالى خلق الدنيا بسائر أحوالها للآخرة وإلا لم يكن للنعم على هذا الوجه معنى.
يبين ذلك أنه لولا أمر الآخرة لم يكن للزراعات وتكلفها ولا لركوب الحيوانات وذبحها إلى غير ذلك معنى، بل كان تعالى يخلقه ابتداء من غير تكلف الزرع والسقي، وإنما أجرى الله العادة بذلك ليعتبر به في باب الدين ولما فصل تعالى هذه النعم قال :﴿إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ﴾ وهذا كما قد يعدد المرء نعمه على ولده، ثم يقول إن الولد لكفور لنعم الوالد زجراً له عن الكفران وبعثاً له على الشكر، فلذلك أورد تعالى ذلك في الكفار، فبين أنهم دفعوا هذه النعم وكفروا بها وجهلوا خالقها مع وضوح أمرها ونظيره قوله تعالى :
﴿وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشكور﴾ [ سبأ : ١٣ ] وقال ابن عباس رضي الله عنهما الإنسان ههنا هو الكافر، وقال أيضاً هو الأسود بن عبد الأسد وأبو جهل والعاص وأبي بن خلف، والأولى تعميمه في كل المنكرين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٥٤ ـ ٥٦﴾