وقال أبو السعود :
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾
استئنافٌ مقرِّرٌ لمضمونِ ما قبله، والاستفهامُ للتَّقرير أي قد علمتَ ﴿ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِى السماء والأرض ﴾ فلا يخفى عليه شيءٌ من الأشياء التي من جُملتها ما يقوله الكَفَرةُ وما يعملونَهُ ﴿ إِنَّ ذلك ﴾ أي ما في السَّماءِ والأرضِ ﴿ فِى كتاب ﴾ هو اللَّوحُ قد كُتب فيه قبل حدوثِه فلا يُهمنَّك أمرُهم مع علمِنا به وحفظِنا له ﴿ إِنَّ ذلك ﴾ أي ما ذُكر من العلمِ والإحاطةِ به وإثباتِه في اللَّوحِ أو الحكم بينكم ﴿ عَلَى الله يَسِيرٌ ﴾ فإنَّ علمَه وقدرتَه مُقتضى ذاتِه فلا يَخْفى عليه شيءٌ ولا يعسرُ عليه مقدورٌ.
﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله ﴾ حكايةٌ لبعض أباطيلِ المشركينَ وأحوالِهم الدَّالَّةِ على كمال سخافةِ عقولِهم وركاكةِ آرائِهم من بناء أمرِ دينِهم على غيرِ مَبْنى من دليلٍ سمعيَ أو عقليَ وإعراضِهم عمَّا أُلقي عليهم من سلطانٍ بيِّنٍ هو أساسُ الدِّينِ وقاعدتُه أشدَّ إعراضٍ أي يعبدُون متجاوزينَ عبادةَ الله ﴿ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ ﴾ أي بجوازِ عبادتِه ﴿ سلطانا ﴾ أي حجَّةً ﴿ وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ ﴾ أي بجواز عبادتِه ﴿ عِلْمٍ ﴾ من ضرورة العقلِ أو استدلاله ﴿ وَمَا للظالمين ﴾ أي الذينَ ارتكبُوا مثل هذا الظُّلمِ العظيمِ الذي يقضي ببطلانِه وكونِه ظُلماً بديهةُ العقولِ ﴿ مِن نَّصِيرٍ ﴾ يساعدُهم بنصرةِ مذهبِهم وتقريرِ رأيهم أو بدفعِ العذابِ الذي يعتريهم بسببِ ظلمِهم.