رُوِيَ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ جَاءَ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ الْحَرَجِ، فَقَالَ : أَوَ لَسْتُمْ الْعَرَبَ ؟ فَسَأَلُوهُ ثَلَاثًا.
كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : أَوَ لَسْتُمْ الْعَرَبَ، ثُمَّ قَالَ : اُدْعُ لِي رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ لَهُ : مَا الْحَرَجُ فِيكُمْ ؟ قَالَ : الْحَرَجَةُ مِنْ الشَّجَرَةِ : مَا لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ذَلِكَ الْحَرَجُ، وَلَا مَخْرَجَ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي مَحَلِّ النَّفْي : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ قَالَ : هَذَا فِي تَقْدِيمِ الْأَهِلَّةِ وَتَأْخِيرهَا بِالْفِطْرِ، وَالْأَضْحَى، وَفِي الصَّوْمِ.
وَثَبَتَ صَحِيحًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَقُولُ : مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، إنَّمَا ذَلِكَ سَعَةُ الْإِسْلَامِ : مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ التَّوْبَةِ وَالْكَفَّارَاتِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ : أُحِلَّ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ.
قَالَ الْقَاضِي : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ.
وَقَدْ كَانَتْ الشَّدَائِدُ وَالْعَزَائِمُ فِي الْأُمَمِ، فَأَعْطَى اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَاللِّينِ مَا
لَمْ يُعْطِ أَحَدًا قَبْلَهَا فِي حُرْمَةِ نَبِيِّهَا، وَرَحْمَةِ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا ﴾.
فَأَعْظَمُ حَرَجٍ رَفْعُ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا نُبْدِي فِي أَنْفُسِنَا وَنُخْفِيهِ، وَمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ إصْرٍ وُضِعَ، كَمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَغَيْرِهَا.