وفي هذه الآية أبطل قول عبدة الملائكة، فبين أن علو درجة الملائكة ليس لكونهم آلهة، بل لأن الله تعالى اصطفاهم لمكان عبادتهم، فكأنه تعالى بين أنهم ما قدروا الله حق قدره أن جعلوا الملائكة معبودين مع الله، ثم بين سبحانه بقوله :﴿إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ أنه يسمع ما يقولون ويرى ما يفعلون، ولذلك أتبعه بقوله :﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ فقال بعضهم ما تقدم في الدنيا وما تأخر، وقال بعضهم :﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ أمر الآخرة، ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أمر الدنيا، ثم أتبعه بقوله :﴿وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور﴾ فقوله :﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ إشارة إلى العلم التام وقوله :﴿وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور﴾ إشارة إلى القدرة التامة والتفرد بالإلهية والحكم، ومجموعهما يتضمن نهاية الزجر عن الإقدام على المعصية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٦١ ـ ٦٢﴾