ولما ذكر مجموع هذه الأوصاف العظيمة، فخم جزاءهم فقال :﴿أولئك﴾ أي البالغون من الإحسان أعلى مكان ﴿هم﴾ خاصة ﴿الوارثون﴾ أي المستحقون لهذا الوصف المشعر ببقائهم بعد أعدائهم فيرثون دار الله لقربهم منه واختصاصهم به بعد إرثهم أرض الدنيا التي قارعوا عليها على قتلهم وضعفهم أعداءَنا الكفار على كثرتهم وقوتهم، فكانت العاقبة فيها لهم كما كتبنا في الزبور ﴿إن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ ﴿لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم﴾ [ إبراهيم : ١٣، ١٤ ] ﴿الذين يرثون الفردوس﴾ التي هي أعلى الجنة، وهي في الأصل البستان العظيم الواسع، يجمع محاسن النبات والأشجار من العنب وما ضاهاه من كل ما يكون في البساتين والأودية التي تجمع ضروباً من النبت : فيحوزون منها بعد البعث ما أعد الله لهم فيها من المنازل وما كان أعد للكفار لو آمنوا أو لم يخرجوا بخروج أبويهم من الجنة ﴿هم﴾ خاصة ﴿فيها﴾ أي لا في غيرها ﴿خالدون﴾ وهذه الآيات أجمع ما ذكر في وصف المؤمنين، روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في التفسير من جامعه عن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنهم ـ قال :" كان إذا نزل على رسول الله ـ ﷺ ـ الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل فنزل عليه يوماً فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا، ثم قال : لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ حتى ختم العشر "
- ورواه النسائي في الصلاة وقال : منكر لا يُعرَف أحد رواه غير يونس بن سليم ويونس لا نعرفه، وعزى أبو حيان آخر الحديث للحاكم في المستدرك.


الصفحة التالية
Icon