وفي رواية هُشيم : كان المسلمون يلتفتون في الصلاة وينظرون حتى أنزل الله تعالى ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون * الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ ؛ فأقبلوا على صلاتهم وجعلوا ينظرون أمامهم.
وقد تقدم ما للعلماء في حكم المصلّي إلى حيث ينظر في "البقرة" عند قوله :﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام ﴾ [ البقرة : ١٤٤ ].
وتقدم أيضاً معنى الخشوع لغة ومعنى في البقرة أيضاً عند قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين ﴾ [ البقرة : ٤٥ ].
والخشوع محله القلب ؛ فإذا خشع خشعت الجوارح كلّها لخشوعه ؛ إذ هو مَلِكُها، حسبما بيّناه أوّل البقرة.
وكان الرجل من العلماء إذا أقام الصلاة وقام إليها يهاب الرحمنَ أن يمدّ بصره إلى شيء وأن يحدّث نفسه بشيء من الدنيا.
وقال عطاء : هو ألاّ يعبث بشيء من جسده في الصلاة.
" وأبصر النبيّ ﷺ رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال :"لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه" "
وقال أبو ذَرٍّ قال النبيّ ﷺ :" إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يحركن الحصى " رواه الترمذي.
وقال الشاعر :
ألاَ في الصلاة الخيرُ والفضل أجمعُ...
لأن بها الآراب لله تخضعُ
وأوّل فرضٍ من شريعة ديننا...
وآخِر ما يبقى إذا الدِّين يُرفع
فمن قام للتكبير لاقته رحمة...
وكان كعبدٍ بابَ مولاه يَقْرَعُ
وصار لربّ العرش حين صلاتِه...
نَجِيًّا فيَا طُوباه لو كان يخشع
وروى أبو عمران الجَوْنِيّ قال : قيل لعائشة مَا كان خُلُق رسول الله ﷺ ؟ قالت : أتقرؤون سورة المؤمنين؟ قيل : نعم.
قالت : اقرؤوا ؛ فقرىء عليها "قد أفلح المؤمنون حتى بلغ يحافظون".
وروى النَّسائيّ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ يلحظ في صلاته يميناً وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره.