الرابعة : قوله تعالى :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ قال ابن العربي :"من غريب القرآن أن هذه الآيات العشر عامّةٌ في الرجال والنساء، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم فإنها عامّة فيهم، إلا قوله :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات ؛ بدليل قوله :﴿ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾.
وإنما عُرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر كآيات الإحصان عموماً وخصوصاً وغير ذلك من الأدلّة".
قلت : وعلى هذا التأويل في الآية فلا يحلّ لامرأة أن يطأها مَن تملكه إجماعاً من العلماء ؛ لأنها غير داخلة في الآية، ولكنها لو أعتقته بعد مِلْكها له جاز أن يتزوّجها كما يجوز لغيره عند الجمهور.
وروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة والشَّعْبِيّ والنَّخَعِيّ أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما.
قال أبو عمر : ولا يقول هذا أحد من فقهاء الأمصار ؛ لأن تملّكها عندهم يبطل النكاح بينهما، وليس ذلك بطلاق وإنما هو فسخ للنكاح ؛ وأنها لو أعتقته بعد ملكها له لم يراجعها إلا بنكاح جديد ولو كانت في عدّة منه.
الخامسة : قال محمد بن عبد الحكم : سمعت حَرْملة بن عبد العزيز قال : سألت مالكاً عن الرجل يَجْلِد عُمَيرة، فتلا هذه الآية ﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلى قوله العادون ﴾.
وهذا لأنهم يَكْنُون عن الذَّكَر بعُمَيْرة ؛ وفيه يقول الشاعر :
إذا حَلَلتَ بوادٍ لا أنيس به...
فاجلد عُمَيرة لا داءٌ ولا حَرَجُ
ويسميه أهل العراق الاستمناء، وهو استفعال من المَنِيّ.
وأحمد بن حنبل على ورعه يجوّزه، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة ؛ أصله الفَصْد والحجامة.
وعامة العلماء على تحريمه.


الصفحة التالية
Icon