السابعة : قوله تعالى :﴿ فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولئك هُمُ العادون ﴾ فسمّى من نكح ما لا يحل عادِيا، وأوجب عليه الحدّ لعدوانه، واللائط عادٍ قرآنا ولغة، بدليل قوله تعالى :﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ وكما تقدم في "الأعراف" ؛ فوجب أن يقام الحدّ عليهم، وهذا ظاهر لا غبار عليه.
قلت : فيه نظر، ما لم يكن جاهلاً أو متأوّلاً، وإن كان الإجماع منعقداً على أن قوله تعالى :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ خصّ به الرجال دون النساء ؛ فقد روى مَعْمَر عن قتادة قال : تسرّرَت امرأة غلامها ؛ فذُكر ذلك لعمر فسألها : ما حملك على ذلك؟ قالت : كنت أراه يحلّ لي بمِلْك يميني كما يحل للرجل المرأة بملك اليمين ؛ فاستشار عمر في رَجْمها أصحابَ رسول الله ﷺ فقالوا : تأوّلتْ كتاب الله عزّ وجلّ على غير تأويله، لا رجم عليها.
فقال عمر : لا جَرَم! والله لا أُحِلّك لحرّ بعده أبداً.
عاقبها بذلك ودرأ الحدّ عنها، وأمر العبد ألاّ يقربها.
وعن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : أنا حضرت عمر بن عبد العزيز جاءته امرأة بغلام لها وَضِيء فقالت : إني استسررته فمنعني بنو عمي عن ذلك ؛ وإنما أنا بمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها ؛ فانْهَ عني بني عمي ؛ فقال عمر : أتزوّجتِ قبله؟ قالت : نعم ؛ قال : أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة، ولكن اذهبوا به فبيعوه إلى من يخرج به إلى غير بلدها.
و"وَرَاءَ" بمعنى سِوى، وهو مفعول ب"ابتغَى" أي من طلب سوى الأزواج والولائد المملوكة له.
وقال الزجاج : أي فمن ابتغى ما بعد ذلك ؛ فمفعول الابتغاء محذوف، و"وَرَاءَ" ظرف.
و"ذَلِكَ" يشار به إلى كل مذكور مؤنثاً كان أو مذكراً.
﴿ فأولئك هُمُ العادون ﴾ أي المجاوزون الحدّ ؛ من عدا أي جاوز الحدّ وجازه.


الصفحة التالية
Icon