وقال أبو السعود :
﴿ والذين هُمْ لأماناتهم وَعَهْدِهِمْ ﴾
لما يُؤتمنون عليه ويُعاهدون من جهة الحقِّ أو الخلقِ ﴿ راعون ﴾ أي قائمون عليها حافظون لها على وجه الإصلاحِ. وقُرىء لأمانتِهم.
﴿ والذين هُمْ على صلواتهم ﴾ المفروضةِ عليهم ﴿ يُحَافِظُونَ ﴾ يُواظبون عليها ويُؤدُّونها في أوقاتها. ولفظُ الفعلِ فيه لما في الصَّلاةِ من التَّجدُّدِ والتَّكرُّر وهو السرُّ في جمعها وليس فيه تكريرٌ لما أنَّ الخشوعَ في الصَّلاة غيرُ المحافظةِ عليها. وفصلُهما للإيذانِ بأنَّ كلاًّ منهما فضيلةٌ مستقلَّةٌ على حيالِها ولو قُرنا في الذِّكرِ لربَّما توهِّم أنَّ مجموعَ الخشوعِ والمحافظةِ فضيلةٌ واحدةٌ.
﴿ أولئك ﴾ إشارةٌ إلى المؤمنين باعتبار اتِّصافِهم بما ذُكر من الصِّفاتِ. وإيثارُها على الإضمار للإشعار بامتيازهم بها عن غيرهم ونزولهم منزلة المُشار إليه حِسًّا، وما فيه من معنى البُعدِ للإيذانِ بعلوِّ طبقتهم وبُعدِ درجتهم في الفضل والشَّرفِ أي أولئك المنعوتُون بالنُّعوت الجليلة المذكورةِ ﴿ هُمُ الوارثون ﴾ أي الأحِقَّاءُ بأنْ يُسمَّوا ورَّاثاً دون مَن عداهم ممَّن ورِثَ رغائب الأموال والذَّخائرِ وكرائمهما.