المرتبة الثانية : قوله تعالى :﴿ثُمَّ جعلناه نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ ومعنى جعل الإنسان نطفة أنه خلق جوهر الإنسان أولاً طيناً، ثم جعل جوهره بعد ذلك نطفة في أصلاب الآباء فقذفه الصلب بالجماع إلى رحم المرأة فصار الرحم قراراً مكيناً لهذه النطفة والمراد بالقرار موضع القرار وهو المستقر فسماه بالمصدر ثم وصف الرحم بالمكانة التي هي صفة المستقر فيها كقولك طريق سائر أو لمكانتها في نفسها لأنها تمكنت من حيث هي وأحرزت.
المرتبة الثالثة : قوله تعالى :﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً﴾ أي حولنا النطفة عن صفاتها إلى صفات العلقة وهي الدم الجامد.
المرتبة الرابعة : قوله تعالى :﴿فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً﴾ أي جعلنا ذلك الدم الجامد مضغة أي قطعة لحم كأنها مقدار ما يمضغ كالغرفة وهي مقدار ما يغترف، وسمى التحويل خلقاً لأنه سبحانه يفني بعض أعراضها ويخلق أعراضاً غيرها فسمى خلق الأعراض خلقاً لها وكأنه سبحانه وتعالى يخلق فيها أجزاء زائدة.
المرتبة الخامسة : قوله :﴿فَخَلَقْنَا المضغة عظاما﴾ أي صيرناها كذلك وقرأ ابن عامر عظماً والمراد منه الجمع كقوله :﴿والملك صَفّاً صَفّاً ﴾.
المرتبة السادسة : قوله تعالى :﴿فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً﴾ وذلك لأن اللحم يستر العظم فجعله كالكسوة لها.