وهذه الفرقة يترتب مع قولها عود الضمير في " جعلنا وأنشأنا " و﴿ النطفة ﴾ تقع في اللغة على قليل الماء وعلى كثيره، وهي هنا لمني ابن آدم، و" القرار المكين " من المرأة هو موضع الولد، و" المكين " المتمكن فكأن القرار هو المتمكن في الرحم، و﴿ العلقة ﴾ الدم الغريض، و﴿ المضغة ﴾ بضعة اللحم قدر ما يمضغ، وقرأ الجمهور ﴿ عظاماً ﴾ في الموضعين، وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " عظماً " بالإفراد في الموضعين، وقرأ السلمي وقتادة والأعرج والأعمش بالإفراد أولاً وبالجمع في الثاني، وقرأ مجاهد وأبو رجاء وإبراهيم بن أَبي بكير بعكس ذلك، وفي قراءة ابن مسعود، " ثم جعلنا المضغة عظاماً وعصباً فكسوناه لحماً "، واختلف الناس في " الخلق الآخر "، فقال ابن عباس والشعبي وأَبو العالية والضحاك وابن زيد : هو نفخ الروح فيه، وقال ابن عباس أيضاً : خروجه إلى الدنيا، وقال قتادة عن فرقة : نبات شعره، وقال مجاهد : كمال شبابه وقال ابن عباس أيضاً : تصرفه في أمور الدنيا.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا التخصيص كله لا وجه له وإنما هو عام في هذا وغيره من وجوه من النطق والإدراك وحسن المحاولة هو بها ﴿ آخر ﴾، وأول رتبة من كونه ﴿ آخر ﴾ هي نفخ الروح فيه، والطرف الآخر من كونه ﴿ آخر ﴾ تحصيله المعقولات، و" تبارك " مطاوع بارك فكأنها بمنزلة تعالى وتقدس من معنى البركة، وهذه الآية يروى أن عمر بن الخطاب لما سمع صدر الآية إلى قوله ﴿ آخر ﴾ قال ﴿ فتبارك الله أَحسن الخالقين ﴾ فقال رسول الله ﷺ هكذا أنزلت، ويروى أن قائل ذلك معاذ بن جبل، ويروى أَن قائل ذلك هو عبدالله بن أَبي سرح وبهذا السبب ارتد، وقال أنا آتي بمثل ما يأتي به محمد وفيه نزلت :


الصفحة التالية
Icon