والثاني : أنه استواء الشباب، قاله ابن عمر، ومجاهد.
والثالث : أنه خروج الأسنان والشَّعْر، قاله الضحاك، فقيل له : أليس يولَد وعلى رأسه الشعر؟ فقال : وأين العانة والإِبط؟.
والرابع : أنه إِعطاء العقل والفهم، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى :﴿ فتبارك الله ﴾ أي : استحق التعظيم والثناء.
وقد شرحنا معنى "تبارك" في [ الأعراف : ٥٤ ]، ﴿ أحسنُ الخالِقين ﴾ أي : المصوِّرين والمقدِّرين.
والخَلْق في اللغة : التقدير.
وجاء في الحديث أن رسول الله ﷺ قرأ هذه الآية وعنده عمر، إِلى قوله تعالى :﴿ خَلْقاً آخر ﴾، فقال عمر : فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال رسول الله ﷺ :" لقد خُتمتْ بما تكلمتَ به يا ابن الخطاب ".
فإن قيل : كيف الجمع بين قوله :﴿ أحسنُ الخالقين ﴾ وقوله :﴿ هل مِنْ خالقٍ غيرُ الله ﴾ [ فاطر : ٣ ] ؟
فالجواب : أن الخلق يكون بمعنى الإِيجاد، ولا موجِد سوى الله، ويكون بمعنى التقدير، كقول زهير :
[ ولأنت تَفْرِي ما خَلَقْتَ ] وبَعْ...
ضُ القومِ يَخْلُقُ ثم لا يَفْرِي
فهذا المراد هاهنا، أن بني آدم قد يصوِّرون ويقدِّرون ويصنعون الشيء، فالله خير المصوِّرين والمقدِّرين.
وقال الأخفش : الخالقون هاهنا هم الصانعون، فالله خير الخالقين.
قوله تعالى :﴿ ثم إِنكم بعد ذلك ﴾ أي : بعد ما ذُكر من تمام الخَلْق ﴿ لميِّتون ﴾ عند انقضاء آجالكم.
وقرأ أبو رزين العقيلي، وعكرمة، وابن أبي عبلة :"لمائتون" بألف.
قال الفراء : والعرب تقول لمن لم يمت : إِنك مائت عن قليل، وميت، ولا يقولون للميت الذي قد مات : هذا مائت، إِنما يقال في الاستقبال فقط، وكذلك يقال : هذا سيِّد قومه اليوم، فإذا أخبرتَ أنه يسودهم عن قليل ؛ قلتَ : هذا سائد قومه عن قليل، وكذلك هذا شريف القوم، وهذا شارف عن قليل ؛ وهذا الباب كلُّه في العربية على ما وصفتُ لك. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾