سورة المؤمن ﴿ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً ﴾ [ غافر : ٦٧ ] وقال تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى فَجَعَلَ مِنْهُ الزوجين الذكر والأنثى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى ﴾ [ القيامة : ٣٦-٤٠ ] والآيات بمثل هذا كثيرة، وقد أبهم هذه الأطوار المذكورة في قوله ﴿ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾ [ المعارج : ٣٩ ] وذلك الإبهام يدل على ضعفهم وعظمة خالقهم جل وعلا، فسبحانه جل وعلا ما أعظم شأنه وما أكمل قدرته، وما أظهر براهين توحيده، وقد بين في آية المؤمنون هذه : أنه يخلق المضغة عظاماً، وبين في موضع آخر : أنه يركب بعض تلك العظام مع بعض، تركيباً قوياً، ويشد بعضها مع بعض، على أكمل الوجوه وأبدعها، وذلك في قوله ﴿ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ ﴾ [ الإنسان : ٢٨ ] الآية، والأسر : شد العظام بعضها مع بعض، وتآسير السرج ومركب المرأة السيور التي يشد بها، ومنه قول حميد بن ثور :
وما دخلت في الخدب حتى تنقضت... تآسير أعلى قده وتحطما


الصفحة التالية
Icon