وقال الشيخ عبد الكريم الخطيب :
قوله تعالى :« وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ».
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة من متفتح السورة إلى هذه الآية، قد كانت عرضا، مسعدا للمؤمنين المفلحين، الذين آمنوا باللّه، واستقاموا على طريقه المستقيم.. وفى مقابل هذا العرض كانت تتراءى صورة الضالين والغاوين، الذين كفروا به، وحادوا عن سواء السبيل.. وإلى هذه الصورة كانت تتطلع كثير من النفوس إلى هيئتها التي تكون عليها، لو أنها أطلّت بوجهها، وكشفت عن حال أصحابها، كما كشفت الصورة السابقة عن المؤمنين، وعن حالهم الطيبة المسعدة.. فالمؤمنون باللّه ينظرون إلى من خلّفوهم وراءهم على طريق الكفر والضلال، ليروا ما صنع اللّه بهم.. وغير المؤمنين، ينظرون إلى مكانتهم بعد أن رأوا المؤمنين، وقد ورثوا جنات النعيم.
ولكن كان من رحمة اللّه بهؤلاء الضالين الغاوين، أن حجب عنهم صورتهم السيئة المنكرة، ولم يكشف لهم عن المصير المشئوم الذي هم صائرون إليه، إذا وقفوا حيث هم على موارد الضلال والغواية.


الصفحة التالية
Icon