وصيغة تفاعَل صيغة مطاوعة في الأصل، وأصل المطاوعة قبول أثر الفعل، وتستعمل في لازم ذلك وهو التلبس بمعنى الفعل تلبساً مكيناً لأن شأن المطاوعة أن تكون بعد معالجة الفعل فتقتضي ارتساخ معنى الفعل في المفعول القابل له حتى يصير ذلك المفعول فاعلاً فيقال : كسرته فتكسر، فلذلك كان تفاعَل إذا جاء بمعنى فَعَل دالاًّ على المبالغة كما صرح به الرضيّ في "شرح الشافية"، ولذلك تتفق صيغ المطاوعة وصيغ التكلف غالباً في نحو : تثنَّى.
وتكبَّرَ، وتشامخ، وتقاعس.
فمعنى ﴿ تبارك الله ﴾ أنه موصوف بالعظمة في الخير، أي عظمةِ ما يقدره من خير للناس وصلاح لهم.
وبهذا الاعتبار تكون الجملة تذييلاً لأن ﴿ تبارك ﴾ لما حذف متعلقه كان عاماً فيشمل عظمة الخير في الخلق وفي غيره.
وكذلك حذف متعلق ﴿ الخالقين ﴾ يعم خلق الإنسان وخلق غيره كالجبال والسماوات.
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)
إدماج في أثناء تعداد الدلائل على تفرد الله بالخلق على اختلاف أصناف المخلوقات لقصد إبطال الشرك.
و﴿ ثم ﴾ للترتيب الرتبي لأن أهميَّة التذكير بالموت في هذا المقام أقوى من أهميَّة ذكر الخَلق لأن الإخبار عن موتهم توطئة للجملة بعده وهي قوله ﴿ ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ﴾ وهو المقصود.
فهو كقوله :﴿ الذي خلق الموت والحياة ليبلُوكم أيكم أحسن عملاً ﴾ [ الملك : ٢ ].
وهذه الجملة لها حكم الجملة الابتدائية وهي معترضة بين التي قبلها وبين جملة :﴿ ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ﴾ [ المؤمنون : ١٧ ].
ولكون ﴿ ثم ﴾ لم تفد مهلة في الزمان هنا صرح بالمهلة في قوله بعد ذلك.
والإشارة إلى الخلق المبين آنفاً، أي بعد ذلك التكوين العجيب والنماء المُحكم أنتم صائرون إلى الموت الذي هو تعطيل أثر ذلك الإنشاء ثم مصيرهُ إلى الفساد والاضمحلال.


الصفحة التالية
Icon