فصل


قال الفخر :
النوع الثاني : من الدلائل الاستدلال بخلقة السموات وهو قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق غافلين﴾ [ المؤمنون : ١٧ ].
فقوله :﴿سَبْعَ طَرَائِقَ﴾ [ المؤمنون : ١٧ ] أي سبع سموات وإنما قيل لها طرائق لتطارقها بمعنى كون بعضها فوق بعض يقال طارق الرجل نعليه إذا أطبق نعلاً على نعل وطارق بين ثوبين إذا لبس ثوباً فوق ثوب.
هذا قول الخليل والزجاج والفراء قال الزجاج هو كقوله :﴿سَبْعَ سموات طِبَاقاً﴾ [ نوح : ١٥ ] وقال علي بن عيسى سميت بذلك لأنها طرائق للملائكة في العروج والهبوط والطيران، وقال آخرون لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالى جعلها موضعاً لأرزاقنا بإنزال الماء منها، وجعلها مقراً للملائكة، ولأنها موضع الثواب، ولأنها مكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي.
أما قوله :﴿وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق غافلين﴾ [ المؤمنون : ١٧ ] ففيه وجوه : أحدها : ما كنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط عليهم الطرائق السبع فتهلكهم وهذا قول سفيان بن عيينة، وهو كقوله تعالى :﴿إِنَّ الله يُمْسِكُ السموات والأرض أَن تَزُولاَ ﴾
[ فاطر : ٤١ ] وثانيها : إنما خلقناها فوقهم لننزل عليهم الأرزاق والبركات منها عن الحسن وثالثها : أنا خلقنا هذه الأشياء فدل خلقنا لها على كمال قدرتنا ثم بين كمال العلم بقوله :﴿وَمَا كُنَّا عَنِ الخلق غافلين﴾ [ المؤمنون : ١٧ ] يعني عن أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم وذلك يفيد نهاية الزجر ورابعها : وما كنا عن خلق السموات غافلين بل نحن لها حافظون لئلا تخرج عن التقدير الذي أردنا كونها عليه كقوله تعالى :﴿مَّا ترى فِى خَلْقِ الرحمن مِن تفاوت﴾ [ الملك : ٣ ].


الصفحة التالية
Icon