وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَإِذَا استويت ﴾ أي علوْت.
﴿ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك ﴾ راكبين.
﴿ فَقُلِ الحمد للَّهِ ﴾ أي احمدوا الله على تخليصه إياكم.
﴿ مِنَ القوم الظالمين ﴾ ومن الغرق.
والحمد لله : كلمة كل شاكر لله.
وقد مضى في الفاتحة بيانه.
قوله تعالى :﴿ وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً ﴾ قراءة العامة "مُنْزَلا" بضم الميم وفتح الزاي، على المصدر الذي هو الإنزال ؛ أي أنزلني إنزالاً مباركاً.
وقرأ زِرّ بن حُبيش وأبو بكر عن عاصم والمفضل "مَنزِلا" بفتح الميم وكسر الزاي على الموضع ؛ أي أنزلني موضعاً مباركاً.
الجوهري : المَنْزَل ( بفتح الميم والزاي ) النزول وهو الحلول ؛ تقول : نزلت نزولاً ومَنْزَلاً.
وقال :
أأنْ ذكّرتك الدارُ مَنْزَلهَا جُمْلُ...
بكيتَ فدمعُ العين مُنْحَدرٌ سَجْلٌ
نصب "المَنْزَل" لأنه مصدر.
وأنزله غيره واستنزله بمعنى.
ونزله تنزيلاً ؛ والتنزيل أيضاً الترتيب.
قال ابن عباس ومجاهد : هذا حين خرج من السفينة ؛ مثل قوله تعالى :﴿ اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ﴾ [ هود : ٤٨ ].
وقيل : حين دخلها ؛ فعلى هذا يكون قوله "مباركاً" يعني بالسلامة والنجاة.
قلت : وبالجملة فالآية تعليم من الله عز وجل لعباده إذا ركبوا وإذا نزلوا أن يقولوا هذا ؛ بل وإذا دخلوا بيوتهم وسلّموا قالوا.
وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد قال : اللهم أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ ﴾ أي في أمر نوح والسفينة وإهلاك الكافرين.
﴿ لآيَاتٍ ﴾ أي دلالات على كمال قدرة الله تعالى، وأنه ينصر أنبياءه ويهلك أعداءهم.
﴿ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ أي ما كنا إلا مبتلين الأمم قبلكم ؛ أي مختبرين لهم بإرسال الرسل إليهم ليظهر المطيع والعاصي فيتبيّن للملائكة حالهم ؛ لا أن يستجد الرب علماً.