وقال أبو السعود :
﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ ﴾
أي من إهلاكِهم ﴿ قَرْنا ءَاخَرِينَ ﴾ هم عادٌ حسبما رُوي عن ابن عبِّاسٍ رضي الله عنهما وعليه أكثرُ المُفسِّرين وهو الأوفقُ لما هو المعهودُ في سائرِ السُّورِ الكريمةِ من إيراد قصَّتهم إثرَ قصَّةِ قومِ نوحٍ. وقيل : هم ثمودُ ﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ ﴾ جُعلُوا موضعاً للإرسال كما في قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ ﴾ ونحوه لا غايةً له كما في مثل قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ ﴾ للإيذانِ من أوَّلِ الأمر بأنَّ مَن أُرسل إليهم لم يأتِهم من غير مكانِهم بل إنَّما نشأَ فيما بين أظهرِهم كما ينبىءُ عنه قولُه تعالى :﴿ رَسُولاً مّنْهُمْ ﴾ أي من جُملتهم نسباً فإنَّهما عليهما السَّلامُ كانا منهم. وأنْ في قولِه تعالى :﴿ أَنِ اعبدوا الله ﴾ مفسِّرةٌ لأرسلنا لتضمُّنِه معنى القولِ أي قُلنا لهم على لسانِ الرَّسولِ : اعبدُوا الله تعالى. وقولُه تعالى :﴿ مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ ﴾ تعليلٌ للعبادة المأمور بها أو للأمرِ بها أو لوجوب الامتثال به ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي عذابَه الذي يستدعيه ما أنتُم عليه من الشِّركِ والمعاصي. والكلامُ في العطفِ كالذي مرَّ في قصَّةِ نوحٍ عليه السَّلامُ.