﴿ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مّثْلَكُمْ ﴾ أي فيما ذُكر من الأحوالِ والصِّفات أي إنِ امتثلتُم بأوامرِه ﴿ إِنَّكُمْ إِذاً ﴾ أي على تقديرِ الاتباع ﴿ لخاسرون ﴾ عقولَهم ومغبونون في آرائهم حيثُ أذللتُم أنفسَكم أي انظر كيف جعلُوا اتباعَ الرَّسولِ الحقِّ الذي يوصِّلُهم إلى سعادةِ الدَّارينِ خُسراناً دُون عبادةِ الأصنامِ التي لا خُسرانَ وراءها قاتلهم الله أنَّى يُؤفكون. وإذاً واقعٌ بين اسمِ إنَّ وخبرِها لتأكيد مضمون الشَّرطِ. والجملةُ جوابٌ لقسمٍ محذوفٍ قبل إنِ الشَّرطيةِ المصدَّرةِ باللام الموطئةِ. أي وبالله لئن أطعتمُ بشراً مثلَكم إنَّكم إذاً لخاسرونَ.
﴿ أَيَعِدُكُمْ ﴾ استئنافٌ مسوق لتقرير ما قبله من اتِّباعِه عليه السَّلامُ بإنكار وقوع ما يدعُوهم إلى الإيمان واستبعاده. ﴿ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ ﴾ بكسر الميمِ، من ماتَ يَماتُ. وقُرىء بضمِّها من ماتَ يموتُ. ﴿ وَكُنتُمْ تُرَاباً وعظاما ﴾ نَخِرةً مجرَّدةً عن اللُّحوم والأعصابِ أي كان بعضُ أجزائِكم من اللَّحم ونظائرِه تُراباً، وبعضُها عظاماً. وتقديمُ التُّراب لعراقتِه في الاستبعادِ وانقلابِه من الأجزاءِ الباديةِ. أو كان متقدِّموكم تُراباً صِرفاً ومتأخِّروكم عظاماً. وقوله تعالى :﴿ إِنَّكُمْ ﴾ تأكيد للأوَّلِ لطول الفصلِ بينه وبين خبرِه الذي هو قولُه تعالى :﴿ مُّخْرَجُونَ ﴾ أي من القبورِ أحياءً كما كنتُم. وقيل : أنَّكم مخرجون مبتدأٌ وإذا مِتُم خبرُه على معنى إخراجُكم إذا متُم ثم أخبر بالجملة على أنَّكم. وقيل : رُفع أنَّكم مخرجون بفعلٍ هو جزاءُ الشَّرطِ كأنَّه قيل : إذا مِتُم وقعَ إخراجُكم ثم أُوقعتْ الجملةُ الشَّرطيةُ خبراً عن أنَّكم. والذي تقتضيهِ جزالةُ النَّظمِ الكريمِ هو الأوَّلُ. وقُرىء أيعدكم إذَا متم الخ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٦ صـ ﴾