وهو اسم مركب من الاسمين، وقيل : بل هو مضاف إلى سيناء، ومعنى سيناء الحسن، وقيل : المبارك، وقيل : هو حجارة معروفة، وقيل شجر، ولعله خصه من بين الأطوار لقربه من المخاطبين أولاً بهذا القرآن، وهم العرب، ولغرابة نبت الزيتون به لأنه في بلاد الحر والزيتون من نبات الأرض الباردة، ولتمحضه لأن يكون نبته مما أنزل من السماء من الماء لعلوه جداً، وبعد من أن يدعي أن ما فيه من النداوة من الماء من البحر لأن الإمام أبا العباس أحمد ابن القاص من قدماء أصحاب الشافعي حكى في كتابه أدلة القبلة أنه يصعد إلى أعلاه في ستة آلاف مرقاة وستمائة وست وستين مرقاة، قال : وهي مثل الدرج من الصخر، فإذا انتهى إلى مقدار النصف من الطريق يصير إلى مستواه من الأرض فيها أشجار وماء عذب، في هذا الموضع كنيسة على اسم إيليا النبي عليه السلام، وفيه مغار، ويقال : إن إيليا عليه السلام لما هرب من إزقيل الملك اختفى فيه ؛ ثم يصعد من هذا الموضع في الدرج حتى ينتهي إلى قلة الجبل، وفي قلبه كنيسة بنيت على اسم موسى عليه السلام بأساطين رخام، أبوابها من الصفر والحديد، وسقفها من خشب الصنوبر، وأعلى سقوفها أطباق رصاص قد أحكمت بغاية الإحكام، وليس فيها إلا رجل راهب يصلي ويدخن ويسرج قناديلها، ولا يمكن أحداً أن ينام فيها ألبتة، وقد اتخذ هذا الراهب لنفسه خارجاً من الكنيسة بيتاً صغيراً يأوي فيه، وهذه الكنيسة بنيت في المكان الذي كلم الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام، وحواليه - أي حوالي الجبل - من أسفله ستة آلاف ما بين دير وصومعة للرهبان والمتعبدين، كان يحمل إليهم خراج مصر في أيام ملك الروم للنفقة على الديارات وغيرها، وليس اليوم بها إلا مقدار سبعين راهباً يأوون في الدير الذي داخل الحصن، وفي أكثرها يأوي أعراب بني رمادة، وعلى الجبل مائة صومعة، وأشجار هذا الجبل اللوز والسرو، وإذا هبطت من الطور أشرفت على عقبة تهبط منها فتسير