قال المفسرون : استبعد القومُ بعثهم بعد الموت إِغفالاً منهم للتفكُّر في بدوِّ أمرهم وقُدرة الله على إِيجادهم، وأرادوا بهذا الاستبعاد أنه لا يكون أبداً، ﴿ إِن هي إِلا حياتنا الدُّنيا ﴾ يعنون : ما الحياة إِلا ما نحن فيه، و ليس بعد الموت حياة.
فإن قيل : كيف قالوا :﴿ نموت ونحيا ﴾ وهم لا يقرُّون بالبعث؟
فعنه ثلاثة أجوبة ذكرها الزجاج.
أحدها : نموت ويحيا أولادنا، فكأنهم قالوا : يموت قوم ويحيا قوم.
والثاني : نحيا ونموت، لأن الواو للجمع، لا للترتيب.
والثالث : أبتداؤنا موات في أصل الخلقة، ثم نحيا، ثم نموت.
قوله تعالى :﴿ إِنْ هو ﴾ يعنون الرسول.
وقد سبق تفسير ما بعد هذا [ هود : ٧، النحل : ٣٨ ] إِلى قوله :﴿ قال عَمَّا قليل ﴾ قال الزجاج : معناه : عن قليل، و"ما" زائدة بمعنى التوكيد.
قوله تعالى :﴿ ليُصْبِحُنَّ نادمين ﴾ أي : على كفرهم، ﴿ فأخذتْهم الصَّيحة بالحق ﴾ أي : باستحقاقهم العذاب بكفرهم.
قال المفسرون : صاح بهم جبريل صيحة رجفت لها الأرض من تحتهم، فصاروا لشدَّتها غُثاءً.
قال أبو عبيدة : الغُثاء : ما أشبه الزَّبد وما ارتفع على السيل ونحو ذلك مما لا يُنتفَع به في شيء.
وقال ابن قتيبة : المعنى : فجعلناهم هَلْكَى كالغُثاء، وهو ما علا السَّيل من الزَّبد والقَمش، لأنه يذهب ويتفرَّق.
وقال الزجاج : الغُثاء : الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إِذا جرى السَّيل رأيته مخالطاً زَبَده.
وما بعد هذا قد سبق شرحه [ الحجر : ٥ ]. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon