أما قوله تعالى :﴿فَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً﴾ فالمعنى فإن أمم الأنبياء عليهم السلام تقطعوا أمرهم بينهم وفي قوله :﴿فَتَقَطَّعُواْ﴾ معنى المبالغة في شدة اختلافهم والمراد بأمرهم ما يتصل بالدين.
أما قوله ﴿زُبُراً﴾ فقرىء زبراً جمع زبور أي كتباً مختلفة يعني جعلوا دينهم أدياناً وزبراً قطعاً استعيرت من زبر الفضة والحديد وزبراً مخففة الباء كرسل في رسل قال الكلبي ومقاتل والضحاك يعني مشركي مكة والمجوس واليهود والنصارى.
أما قوله تعالى :﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ فمعناه أن كل فريق منهم مغتبط بما اتخذه ديناً لنفسه معجب به يرى المحق أنه الرابح، وأن غيره المبطل الخاسر، ولما ذكر الله تعالى تفرق هؤلاء في دينهم أتبعه بالوعيد، وقال :﴿فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ﴾ حتى حين الخطاب لنبينا ﷺ يقول : فدع هؤلاء الكفار في جهلهم والغمرة الماء الذي يغمر القامة فكأن ما هم فيه من الجهل والحيرة صار غامراً ساتراً لعقولهم، وعن علي عليه السلام :﴿فِى غمراتهم حتى حِينٍ﴾ وذكروا في الحين وجوهاً : أحدها : إلى حين الموت وثانيها : إلى حين المعاينة وثالثها : إلى حين العذاب، والعادة في ذلك أن يذكر في الكلام، والمراد به الحالة التي تقترن بها الحسرة والندامة، وذلك يحصل إذا عرفهم الله بطلان ما كانوا عليه وعرفهم سوء منقلبهم، ويحصل أيضاً عند المحاسبة في الآخرة، ويحصل عند عذاب القبر والمساءلة فيجب أن يحمل على كل ذلك.