وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ الذين هُم مّنْ خَشْيةِ رَبّهِمْ مُّشْفِقُونَ ﴾
الكلام فيه نظير ما مر في نظيره في سورة الأنبياء بيد أن في استمرار الإشفاق هنا في الدنيا والآخرة للمؤمنين تردداً
وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨)
أي يصدقون، والمراد التصديق بمدلولها إذ لا مدح في التصديق بوجودها، والتعبير بالمضارع دون الاسم للإشارة إلى أنه كلما وقفوا على آية آمنوا بها وصدقوا بمدلولها.
﴿ والذين هُم بِرَبّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ ﴾ فيخلصون العبادة له عز وجل فالمراد نفي الشرك الخفي كالرياء بالعبادة كذا قيل، وقد اختار بعض المحققين التعميم أي لا يشركون به تعالى شركاً جلياً ولا خفياً ولعله الأولى، ولا يغني عن ذلك وصفهم بالإيمان بآيات الله تعالى.
وجوز أن يراد مما سبق وصفهم بتوحيد الربوبية ومما هنا وصفهم بتوحيد الألوهية، ولم يقتصر على الأول لأن أكثر الكفار متصفون بتوحيد الربوبية ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله ﴾ [ لقمان : ٢٥ ] ولا يأباه التعرض لعنوان الربوبية فإنه في المواضع الثلاثة للإشعار بالعلية وذلك العنوان يصلح لأن يكون علة لتوحيد الألوهية كما لا يخفى.
﴿ والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ ﴾ أي يعطون ما أعطوا من الصدقات ﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ خائفة من أن لا يقبل منهم وأن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به.
وقرأت عائشة.
وابن عباس.
وقتادة.
والأعمش.
والحسن والنخعي ﴿ يَأْتُونَ مَا ءاتَواْ ﴾ من الإتيان لا الإيتاء فيهما.
وأخرج ابن مردويه.
وسعيد بن منصور عن عائشة أنه ﷺ قرأ كذلك وأطلق عليها المفسرون قراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام يعنون أن المحدثين نقلوها عنه ﷺ ولم يروها القراء من طرقهم.
والمعنى عليها يفعلون من العبادات ما فعلوه وقلوبهم وجلة، وروي نحو هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد أخرج أحمد.