لذلك، فالنبي ﷺ يُعلِّمنا الأدب في هذه المسألة، فيقول في دعائه :" اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردتُ به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك ".
فالإنسان يشرع في العمل ويخلص فيه النية لله، ومع ذلك يتسرب إليه شيء من الرياء وتزيين الشيطان ؛ لذلك وصف النبي ﷺ الشرك الخفي بأنه أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.
كما أن الشرك الأكبر لا يتصور مِمَّن هذه الصفات المتقدمة صفاته.
ثم يقول الحق سبحانه :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ.. ﴾.
﴿ يُؤْتُونَ.. ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ] يعني المال، وقال بعدها :﴿ مَآ آتَواْ.. ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ] حتى لا يجعل لها حداً، لا العُشْر ولا نصف العُشر، يريد سبحانه أن يفسح لأريحية العطاء وسخاء النفس، لذلك جاءت ﴿ مَآ آتَواْ.. ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ] هكذا مُبْهمة حتى لا نظن أنها الزكاة، ونعرف أن الله تعالى يفتح المجال للإحسانية والتفضُّل، وهذا هو مقام الإحسان الذي قال الله تعالى عنه :﴿ إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ﴾ [ الذاريات : ١٥ - ١٦ ].
والمحسن : الذي يلزم نفسه من الطاعات فوق ما ألزمه الله، لكن من جنس ما فرض الله عليه، فإن كان الفرض في الصوم شهر رمضان يصوم المحسن رمضان ويزيد عليه ؛ لذلك تجد الدقة في الأداء القرآني، حيث يقول بعدها :﴿ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ * وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [ الذاريات : ١٧ - ١٨ ].