أما قوله تعالى :﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تترا﴾ فالمعنى أنه كما أنشأنا بعضهم بعد بعض أرسل إليهم الرسل على هذا الحد قرأ ابن كثير تتراً منونة والباقون بغير تنوين وهو اختيار أكثر أهل اللغة لأنها فعلى من المواترة وهي المتابعة وفعلى لا ينون كالدعوى والتقوى والتاء بدل من الواو فإنه مأخوذ من الوتر وهو الفرد،
قال الواحدي تترى على القراءتين مصدر أو اسم أقيم مقام الحال لأن المعنى متواترة.
أما قوله تعالى :﴿كُلَّمَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ﴾ [ المؤمنون : ٤٤ ] يعني أنهم سلكوا في تكذيب أنبيائهم مسلك من تقدم ذكره ممن أهلكه الله بالغرق والصيحة فلذلك قال :﴿فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً﴾ أي بالهلاك.
( وقوله ) :﴿وجعلناهم أَحَادِيثَ﴾ يمكن أن يكون المراد جمع الحديث ومنه أحاديث رسول الله ﷺ والمعنى أنه سبحانه بلغ في إهلاكهم مبلغاً صاروا معه أحاديث فلا يرى منهم عين ولا أثر ولم يبق منهم إلا الحديث الذي يذكر ويعتبر به.
ويمكن أيضاً أن يكون جمع أحدوثة مثل الأضحوكة والأعجوبة، وهي ما يتحدث به الناس تلهياً وتعجباً.
ثم قال :﴿فَبُعْداً لّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾ على وجه الدعاء والذم والتوبيخ، ودل بذلك على أنهم كما أهلكوا عاجلاً فهلاكهم بالتعذيب آجلاً على التأبيد مترقب وذلك وعيد شديد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٨٧ ـ ٨٨﴾


الصفحة التالية
Icon