اعلم أنه سبحانه لما بين فيما قبل أنه لا ينصر أولئك الكفار أتبعه بعلة ذلك وهي أنه متى تليت آيات الله عليهم أتوا بأمور ثلاثة : أحدها : أنهم كانوا على أعقابهم ينكصون وهذا مثل يضرب فيمن تباعد عن الحق كل التباعد وهو قوله :﴿فَكُنتُمْ على أعقابكم تَنكِصُونَ﴾ أي تنفرون عن تلك الآيات وعمن يتلوها كما يذهب الناكص على عقبيه بالرجوع إلى ورائه وثانيها : قوله :﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾ والهاء في ( به ) إلى ماذا تعود ؟ فيه وجوه : أولها : إلى البيت العتيق أو الحرم كانوا يقولون لا يظهر علينا أحد لأنا أهل الحرم والذي يسوغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت وإن لم يكن لهم مفخرة إلا أنهم ولاته والقائمون به وثانيها : المراد مستكبرين بهذا التراجع والتباعد وثالثها : أن تتعلق الباء بسامراً أي يسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه، وهذا هو الأمر الثالث الذي يأتون به عند تلاوة القرآن عليهم، وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحراً وشعراً وسب رسول الله ﷺ ويهجرون، والسامر نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع وقرىء سمراً وسامراً يهجرون من أهجر في منطقه إذا أفحش والهجر بالفتح الهذيان والهجر بالضم الفحش أو من هجر الذي هو مبالغة في هجر إذا هذي. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٩٤ ـ ٩٧﴾


الصفحة التالية
Icon