وقال الآلوسى :
﴿ أَمْ تَسْئَلُهُمْ ﴾
متعلق بقوله تعالى :﴿ أَمْ يَقُولُونَ به جَنَّةُ ﴾ [ المؤمنون : ٧٠ ] فهو انتقال إلى توبيخ آخر، وغير للخطاب لمناسبته ما بعده، وكان المراد أم يزعمون أنك تسألهم على أداء الرسالة ﴿ خَرْجاً ﴾ أي جعلا فلأجل ذلك لا يؤمنون بك، وقوله تعالى :﴿ فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ ﴾ أي رزقه في الدنيا وثوابه في الآخرة تعليل لنفى السؤال المستفاد من الإنكار أي لا تسألهم ذلك فإن ما رزقك الله تعالى في الدنيا والعقبى خير من ذلك لسعته ودوامه وعدم تحمل منة الرجال فيه، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام من تعليل الحكم وتشريفه ﷺ ما لا يخفى.
و﴿ الخرج ﴾ بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك والخراج غالب في الضريبة على الأرض ففيه إشعار بالكثرة واللزوم فيكون أبلغ ولذلك عبر به عن عطاء الله تعالى، وكذا على ما قيل من أن الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك واللزوم بالنسبة إليه تعالى إنما هو لفضل وعده عز وجل، وقيل الخرج أعم من الخراج وساوي بينهما بعضهم.
وقرأ ابن عامر ﴿ خَرْجاً فَخَرَجَ ﴾ وحمزة.
والكسائي ﴿ خَرْجاً فَخَرَاجُ ﴾ للمشاكلة.
وقرأ الحسن.
وعيسى.
﴿ المجرمون فَخَرَجَ ﴾ وكأن اختيار ﴿ خراجاً ﴾ في جانبه عليه الصلاة والسلام للإشارة إلى قوة تمكنهم في الكفر واختيار ﴿ لَكَ خَرْجاً ﴾ في جانبه تعالى للمبالغة في حط قدر خراجهم حيث كان المعنى فالشيى القليل منه عز وجل خير من كثيرهم فما الظن بكثيره جل وعلا ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرزقين ﴾ تأكيد لخيرية خراجه سبحانه وتعالى فإن من كان خير الرازقين يكون رزقه خيراً من رزق غيره.
واستدل الجبائي بذلك على أنه سبحانه لا يساويه أحد في الإفضال على عباده وعلى أن العباد قد يرزق بعضهم بعضاً.