وهذا الذي ينبغي التعويل عليه لأن الأصل في اللغة عدم الترادف.
هذا وقد قرأ الجمهور ﴿ أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير ﴾.
وقرأ ابن عامر ﴿ خرجاً فخرج ربك ﴾.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف ﴿ أم تسألهم خراجا فخراج ربك خير ﴾.
فأما قراءة الجمهور فتوجيهها على اعتبار ترادف الكلمتين أنها جرت على التفنن في الكلام تجنباً لإعادة اللفظ في غير المقام المقتضي إعادة اللفظين مع قرب اللفظين بخلاف قوله تعالى ﴿ قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله ﴾ [ سبأ : ٤٧ ] فإن لفظ أجر أعيد بعد ثلاثة ألفاظ.
وأما على اعتبار الفرق الذي اختاره الزمخشري فتوجيهها باشتمالها على التفنن وعلى محسن المبالغة.
وأما قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف فتوجيهها على طريقة الترادف أنهما وردتا على اختيار المتكلم في الاستعمال مع محسن المزاوجة بتماثل اللفظين.
ولا توجهان على طريقة الزمخشري.
قال صاحب "الكشاف" : ألزمهم الله الحجة في هذه الآيات ( أي قوله
﴿ أفلم يدبروا القول ﴾ [ المؤمنون : ٦٨ ] إلى هنا ) وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله، مخبور سره وعلنه، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم، وأنه لم يُعْرَض له حتى يدّعي بمثل هذه الدعوى العظيمة بباطل، ولم يجعل ذلك سلماً إلى النيل من دنياهم واستعطاء أموالهم، ولم يدعهم إلا إلى دين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم مع إبراز المكنون من أدوائهم وهو إخلالهم بالتدبر والتأمل.
واستهتارهم بدين الآباء الضُّلاَّل من غير برهان، وتعللهم بأنه مجنون بعد ظهور الحق وثبات التصديق من الله بالمعجزات والآيات النيرة، وكراهتُهم للحق وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر" أ هـ.
وجملة ﴿ وهو خير الرازقين ﴾ معترضة تكميلاً للغرض بالثناء على الله والتعريف بسعة فضله.
ويفيد تأكيداً لمعنى ﴿ فخراج ربك خير ﴾.
﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) ﴾


الصفحة التالية
Icon