فكانت قريش سمر حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، وقرأ الجمهور " تَهجُرون " بفتح التاء وضم الجيم واختلف المتأولون في معناها فقال ابن عباس : معناها تهجرون الحق وذكر الله وتقطعونه من الهجر المعروف، وقال ابن زيد : من هجر المريض إذا هذى أي تقولون اللغو من القول وقاله أبو حاتم، وقرأ نافع وحده من السبعة " تهجِرون " بضم التاء وكسر الجيم وهي قراءة أهل المدينة وابن محيصن وابن عباس أيضاً ومعناه يقولون الفحش والهجر والعضاية من القول وهذه إشارة إلى سبهم لرسول الله ﷺ وأصحابه قاله ابن عباس أيضاً وغيره، وفي الحديث " كنت نهيتكم عن زيادة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً "، وقرأ ابن محيصن وابن أبي نهيك " تُهَجِّرون " بضم التاء وفتح الهاء وشد الجيم مكسورة وهو تضعيف هجر وتكثير الهجر والهجر على المعنيين المتقدمين، وقال ابن جني : لو قيل إن المعنى أنكم تبالغون في المهاجرة حتى أنكم وإن كنتم سمراً بالليل فكأنكم تهجرون في الهاجرة على غاية الافتضاح لكان وجهاً.
قال القاضي أبو محمد : ولا تكون هذه القراءة تكثير " تُهجِّرون " بضم التاء، وكسر الجيم لأن أفعل لا يتعدى ولا يكثر بتضعيف إذ التضعيف والهمزة متعاقبان ثم وبخهم على إعراضهم بعد تدبر القول لأنهم بعد التدبر والنظر الفاسد، قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وسائر ذلك. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon