وفي صحيح مسلم عن جابر قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إن الشيطان يحضر أحدَكم عند كلّ شيء من شأنه حتى يحضر عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فلْيُمِط ما كان بها من أذًى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان فإذا فرغ فلْيَلْعَق أصابعه فإنه لا يدري في أيّ طعامه البركة "
قوله تعالى :﴿ حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون ﴾ عاد الكلام إلى ذكر المشركين ؛ أي قالوا :"أئذا متنا إلى قوله إنْ هذا إلا أساطير الأوّلين".
ثم احتج عليهم وذكّرهم قدرته على كل شيء، ثم قال هم مصرّون على ذلك حتى إذا جاء أحدهم الموت تيقَّن ضلالته وعاين الملائكة التي تقبض روحه ؛ كما قال تعالى :﴿ وَلَوْ ترى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة ﴾ [ الأنفال : ٥٠ ].
﴿ قَالَ رَبِّ ارجعون ﴾ تمنّى الرجعة كي يعمل صالحاً فيما ترك.
وقد يكون القول في النفس ؛ قال الله عز وجل :﴿ وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ ﴾ [ المجادلة : ٨ ].
فأما قوله "ارْجِعُونِ" وهو مخاطب ربّه عز وجل ولم يقل "ارجعني" جاء على تعظيم الذكر للمخاطب.
وقيل : استغاثوا بالله عز وجل أوّلاً، فقال قائلهم : ربّ، ثم رجع إلى مخاطبة الملائكة فقال : ارجعون إلى الدنيا ؛ قاله ابن جُريج.
وقيل : إن معنى "ارجعون" على جهة التكرير ؛ أي ارجعني ارجعني ارجعني وهكذا.
قال المُزَنِيّ في قوله تعالى :﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ﴾ [ ق : ٢٤ ] قال : معناه ألْقِ ألْقِ.
قال الضحاك : المراد به أَهل الشرك.
قلت : ليس سؤال الرجعة مختصاً بالكافر فقد يسألها المؤمن كما في آخر سورة المنافقين على ما يأتي.
ودلّت الآية على أن أحداً لا يموت حتى يعرف اضطراراً أهو من أولياء الله أم من أعداء الله، ولولا ذلك لما سأل الرجعة، فيعلموا ذلك قبل نزول الموت وذواقه.
﴿ لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾ قال ابن عباس : يريد أشهد أن لا إله إلا الله.


الصفحة التالية
Icon