وقال أبو حيان :
ولما اتخذوا من دون الله تعالى آلهة ونسبوا إليه الولد نبههم على فرط جهلهم بكونهم يقرون بأنه تعالى له الأرض ومن فيها ملك وأنه رب العالم العلوي وأنه مالك كل شيء وهم مع ذلك ينسبون له الولد ويتخذون له شركاء.
وقرأ عبد الله والحسن والجحدري ونصر بن عاصم وابن وثاب وأبو الأشهب وأبو عمرو من السبعة ﴿ سَيَقُولُونَ * الله ﴾ الثاني والثالث بلفظ الجلالة مرفوعاً وكذا هو في مصاحف أهل الحرمين والكوفة والشام.
وقرأ باقي السبعة ﴿ لِلَّهِ ﴾ فيها بلام الجر فالقراءة الأولى فيها المطابقة لفظاً ومعنى، والثانية جاءت على المعنى لأن قولك : من رب هذا؟ ولمن هذا؟ في معنى واحد، ولم يختلف في الأول أنه باللام.
وقرأ ابن محيصن ﴿ العظيم ﴾ برفع الميم نعتاً للرب، وتقول أجرت فلاناً على فلان إذا منعته منه أي وهو يمنع من يشاء ممن يشاء ولا يمنع أحد منه أحداً.
ولا تعارض بين قوله ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ لا ينفي عنهم وبين ما حكي عنهم من قولهم.
﴿ سَيَقُولُونَ * الله ﴾ لأن قوله ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ لا ينفي علمهم بذلك، وقد يقال مثل ذلك في الاحتجاج على وجه التأكيد لعلمهم، وختم كل سؤال بما يناسبه فختم ملك الأرض ومن فيها حقيق أن لا يشرك به بعض خلقه ممن في الأرض ملكاً له الربوبية وختم ما بعدها بالتقوى وهي أبلغ من التذكر وفيها وعيد شديد أي أفلا تخافونه فلا تشركوا به.
وختم ما بعد هذه بقوله ﴿ فَإِنّي * تُسْحَرُونَ ﴾ مبالغة في التوبيخ بعد إقرارهم والتزامهم ما يقع عليهم به في الاحتجاج وأني بمعنى كيف قرر أنهم مسحورون وسألهم عن الهيئة التي سحروا بها أي كيف تخدعون عن توحيده وطاعته، والسحر هنا مستعار وهو تشبيه لما يقع منهم من التخليط ووضع الأفعال والأقوال غير مواضعها بما يقع من المسحور عبر عنهم بذلك.