وقال أبو السعود :
﴿ قُل لّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَا ﴾
من المخلوقاتِ تغليباً للعُقلاءِ على غيرِهم ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ جوابُه محذوفٌ ثقةً بدلالة الاستفهامِ عليه أي إنْ كنتُم تعلمون شيئاً فأخبرونِي به، فإنَّ ذلك كافٍ في الجوابِ. وفيه من المُبالغةِ في وضوحِ الأمرِ وفي تجهيلِهم ما لا يَخْفى أو إنْ كنتُم تعلمون ذلكَ فأخبرونِي وفيه استهانةٌ بهم وتقريرٌ لجهلِهم ولذلك أخبرَ بجوابهم قبل أنْ يُجيبوا حيثُ قيل :﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ لأنَّ بديهةَ العقلِ تضطرُّهم إلى الاعترافِ بأنَّه تعالى خالقُها.
﴿ قُلْ ﴾ أي عندَ اعترافِهم بذلك تبكيتاً لهم ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ أي أتعلمون ذلكَ أو تقولون ذلكَ فلا تتذكَّرون أنَّ مَن فطرَ الأرضَ وما فيها ابتداءً قادرٌ على إعادتها ثانياً فإنَّ البَدْءَ ليس بأهونَ من الإعادةِ بلِ الأمرُ بالعكس في قياس العقولِ. وقُرىء تتذكَّرون على الأصل.
﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السموات السبع وَرَبُّ العرش العظيم ﴾ أُعيد الرَّبُّ تنويهاً لشأن العرش ورفعاً لمحلِّه عن أن يكونَ تبعاً للسَّمواتِ وجُوداً وذِكراً، ولقد رُوعي في الأمر بالسُّؤال التَّرقِّي من الأدنى إلى الأعلى ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ باللامِ نظراً إلى معنى السُّؤالِ فإنَّ قولك : مَن رَبُّه ولمنْ هُو في معنى واحدٍ. وقُرىء هُو وما بعدَهُ بغير لامٍ نظراً إلى لفظ السُّؤالِ.
﴿ قُلْ ﴾ إفحاماً لهم وتوبيخاً ﴿ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي تعلمون ذلك ولا تقُون أنفسَكم عقابَهُ بعدم العمل بموجب العلم حيثُ تكفرون به وتُنكرون البعث وتُثبتون له شريكاً في الرُّبوبيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon