وقد قدمنا الكلام على السحر مستوفى في سورة طه في الكلام على قوله تعالى :﴿ وَلاَ يُفْلِحُ الساحر حَيْثُ أتى ﴾ [ طه : ٦٩ ] والظاهر أن معنى تسحرون هنا : تخدعون بالشبه الباطلة فيذهب بعقولكم، عن الحق كما يفعل بالمسحور. والله تعالى أعلم.
وقوله :﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ قرأه حفص عن عاصم، وحمزة، والكسائي بتخفيف الذال بحذف إحدى التاءين، والباقون بالتشديد لإدغام التاءين في الذال.
وقوله تعالى :﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ جاء في هذه الآيات ثلاث مرات.
الأول :﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾. وهذه اتفق جميع السبعة على قراءتها بلام الجر الداخلة على لفظ الجلالة، لأنها جواب المجرور بلام الجر، وقوله تعالى :﴿ قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَآ ﴾ فجواب لمن الأرض، هو أن تقول : لله، وأما الثاني الذي هو ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ والثالث : الذي هو قوله ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فأنى تُسْحَرُونَ ﴾ فقد قرأهما أبو عمرو بحذف لام الجر ورفع الهاء من لفظ الجلالة.
والمعنى : على قراءة أبي عمرو المذكورة واضح لا إشكال فيه، لأن الظاهر في جواب من رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، أن تقول : الله بالرفع أي رب ما ذكر هو الله، وكذلك جواب قوله :﴿ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ فيه معنى من هو مالك السموات والأرض، والعرش، وكل شيء فيحسن الجواب بأن يقال : لله : أي كل ذلك ملك لله، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر :
إذا قيل من رب المزالف والقرى... ورب الجياد الجرد قلت لخالد
لأن قوله : من رب المزالف فيه معنى من هو مالكها، فحسن الجواب باللام : أي هي لخالد. والمزالف : جمع مزلفة كمرحلة. قال في القاموس : هي كل قرية تكون بين البر والريف، وجمعها مزالف. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٤ صـ ﴾