وقال الآلوسى :
﴿ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ ﴾
لتنزهه عز وجل عن الاحتياج وتقدسه تعالى عن مماثلة أحد.
﴿ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾ يشاركه سبحانه في الألوهية ﴿ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ ﴾ أي لاستبد بالذي خلقه واستقل به تصرفاً وامتاز ملكه عن ملك الآخر ﴿ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ ﴾ ولوقع التحارب والتغالب بينهم كما هو الجاري فيما بين الملوك والتالي باطل لما يلزم من ذلك نفي ألوهية الجميع أو ألوهية ما عدا واحداً منهم وهو خلاف المفروض أو لما أنه يلزم أن لا يكون بيده تعالى وحده ملكوت كل شيء وهو باطل في نفسه لما برهن عليه في الكلام وعند الخصم لأنه يقول باختصاص ملكوت كل شيء به تعالى كما يدل عليه السؤال والجواب السابقان آنفاً كذا قيل، ولا يخفى أن اللزوم في الشرطية المفهومة من الآية عادي لا عقلي ولذا قيل : إن الآية إشارة إلى دليل إقناعي للتوحيد لا قطعي.
وفي "الكشف" قد لاح لنا من لطف الله تعالى وتأييده أن الآية برهان نير على توحيده سبحانه، وتقريره أن مرجح الممكنات الواجب الوجود تعالى شأنه جل عن كل كثرة أما كثرة المقومات أو الأجزاء الكمية فبينة الانتفاء لإيذانها بالإمكان، وأما التعدد مع الاتحاد في الماهية فكذلك للافتقار إلى المميز ولا يكون مقتضى الماهية لاتحادهما فيه فيلزم الإمكان، ثم المميزان في الطرفين صفتا كمال لأن الاتصاف بما لا كمال فيه نقص فهما ممكنان مفتقران في الوجود إلى مكمل خارج هو الواجب بالحقيقة، وكذلك الافتقار في كمال ما للوجود يوجب الإمكان لإيجابه أن يكون فيه أمر بالفعل وأمر بالقوة واقتضائه التركيب والإمكان.


الصفحة التالية
Icon