وقال أبو حيان :
﴿ قُل رَّبّ إِمَّا تُرِيَنّى مَا يُوعَدُونَ ﴾.
لما ذكر ما كان عليه الكفار من ادعاء الولد والشريك له، وكان تعالى قد أعلم نبيه ( ﷺ ) أنه ينتقم منهم ولم يبين إذ ذاك في حياته أم بعد موته، أمره بأنه يدعو بهذا الدعاء أي إن ترني ما تعدهم واقعاً بهم في الدنيا أو في الآخرة فلا تجعلني معهم، ومعلوم أنه عليه السلام معصوم مما يكون سبباً لجعله معهم، ولكنه أمره أن يدعو بذلك إظهاراً للعبودية وتواضعاً لله، واستغفار رسول الله ( ﷺ ) إذا قام من مجلسه سبعين مرة من هذا القبيل.
وقال أبو بكر : وليتكم ولست بخيركم.
قال الحسن : كان يعلم أنه خيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه.
وجاء الدعاء بلفظ الرب قبل الشرط وقبل : الجزاء مبالغة في الابتهال إلى الله تعالى والتضرع، ولأن الرب هو المالك الناظر في مصالح العبد.
وقرأ الضحاك وأبو عمر إن الجوني ترئني بالهمز بدل الياء، وهذا كما قرىء فأما ترئن ولترؤن بالهمز وهو إبدال ضعيف، ثم أخبر تعالى أنه قادر على تعجيل العذاب لهم كما كانوا يطلبون ذلك وذلك في حياته عليه الصلاة والسلام ولكن تأخيره لأجل يستوفون، والجمهور على أن هذا العذاب في الدنيا.
فقيل : يوم بدر.
وقيل : فتح مكة.
وقيل : هو عذاب الآخرة.
ثم أمره تعالى بحسن الأخلاق والتي هي أحسن شهادة أن لا إله إلاّ الله و﴿ السيئة ﴾ الشرك.
وقال الحسن : الصفح والإغضاء.
وقال عطاء والضحاك : السلام إذا أفحشوا.
وحكى الماوردي :﴿ ادفع ﴾ بالموعظة المنكر والأجود العموم في الحسنى وفيما يسوء و﴿ التى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ أبلغ من الحسنة للمبالغة الدال عليها أفعل التفضيل، وجاء في صلة التي ليدل على معرفة السامع بالحالة التي هي أحسن.
قيل : وهذه الآية منسوخة بآية السيف.
وقيل : هي محكمة لأن المداراة محثوث عليها ما لم يؤد إلى ثلم دين وإزراء بمروءة.
﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ يقتصي أنها آية موادعة، والمعنى بما يذكرون ويصفونك به مما أنت بخلافه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon