هذا الذي تضمنته هذه الآيات الثلاث مما ينبغي أن يعامل به شياطين الإنس وشياطين الجن. قد قدمنا الآيات الدالة عليه بإيضاح في آخر سورة الأعراف، في الكلام على قوله تعالى :﴿ خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [ الأعراف : ١٩٩-٢٠٠ ] الآية. وقوله في هذه الآية :﴿ بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ أي بالخصلة التي هي أحسن الخصال، والسيئة مفعول ادفع ووزن السيئة، فيعلة أصلها : سيوئة وحروفها الأصلية السين والواو والهمزة، وقد زيدت الياء الساكنة بين الفاء والعين، فوجب إبدال الواو التي هي عين الكلمة ياء وإدغام ياء الفيعلة الزائدة فيها على القاعدة التصريفية المشارك بقول ابن مالك في الخلاصة :
إن يسكن السابق من واو ويا... واتصلا ومن عروض عريا
فياء الواو اقلبن مدغماً... وشذ معطى غير ما قد رسما
كما قدمناه مراراً. والسيئة في اللغة : الخصلة من خصال السوء. وقوله تعالى :﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ أي بما تصفه ألسنتهم من الكذب في تكذيبهم لك، وادعائهم الأولاد والشركاء لله. وقد قدمنا في سورة المائدة أن اللين والصفح المطلوب في آيات القرآن بعد نزول القتال إنما هو بالنسبة إلى المؤمنين، دون الكافرين في الكلام على قوله تعالى :﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين ﴾ [ المائدة : ٥٤ ] وبينا الآيات الدالة على ذلك كقوله في النَّبي ﷺ، وأصحابه ﴿ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] وقوله :﴿ واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الحجر : ٨٨ ] وقوله :﴿ يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ ﴾ [ التحريم : ٩ ] إلى آخر ما تقدم. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon