وقال ابن عطية :
﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) ﴾
قرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر " قال كم لبثتم " و" قل إن لبثتم "، وقرأ حمزة والكسائي فيهما " قل لكم لبثتم " و" قل إن لبثتم "، وروى البزي عن ابن كثير " قل كم " على الأمر " قال إن " على الخبر، وأدغم أبو عمرو وحمزة والكسائي التاء، والباقون لا يدغمون. فمعنى الأول إخبار عن الله بوقفهم بالسؤال عن المدة ثم يعلمهم آخراً بلبثهم قليلاً، ومعنى الثانية الأمر لواحد منهم مشار إليه بمعنى يقال لأحدهم قل كذا فإذا غير القويم قيل له " قل إن لبثتم "، ومعنى رواية البزي التوقيف ثم الإخبار وفي المصاحف قال فيهما إلا في مصحف الكوفة فإن فيه " قل " بغير الألف، وقوله ﴿ في الأرض ﴾ قال الطبري معناه في الدنيا أحياء وعن هذا وقع السؤال ونسوا لفرط هول العذاب حتى قالوا ﴿ يوماً أو بعض يوم ﴾.
قال الفقيه الإمام القاضي : والغرض من هذا توقيفهم على أن أعمارهم قصيرة أداهم الكفر فيها إلى عذاب طويل، وقال جمهور المتأولين معناه في جوف التراب أمواتاً.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا هو الأصوب من حيث أنكروا البعث، وكان قوله إنهم لا يقومون من التراب قيل لهم لما قدموا ﴿ كم لبثتم ﴾ ؟ وقوله آخراً ﴿ وأنكم إلينا لا ترجعون ﴾ يقتضي ما قلناه، و﴿ عدد ﴾ نصب ب ﴿ كم ﴾ على التمييز، وقرأ الأعمش " عدداً سنين " بتنوين " عدداً " وقال مجاهد أرادوا ب ﴿ العادين ﴾ الملائكة، وقال قتادة أرادوا أهل الحساب.