وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قال كم لبثتم ﴾
قرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر :"قال كم لبثتم" وهذا سؤال الله تعالى للكافرين.
وفي وقته قولان.
أحدهما : أنه يسألهم يوم البعث.
والثاني : بعد حصولهم في النار.
وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي :"قل كم لبثتم" وفيها قولان.
أحدهما : أنه خطاب لكل واحد منهم، والمعنى : قل يا أيها الكافر.
والثاني : أن المعنى : قولوا، فأخرجه مخرج الأمر للواحد، والمراد الجماعة، لأن المعنى مفهوم.
وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي يدغمون ثاء "لبثتم"، والباقون لا يدغمونها ؛ فمن أدغم، فلتقارب مخرج الثاء والتاء، ومن لم يدغم، فلتباين المخرجين.
وفي المراد بالأرض قولان.
أحدهما : أنها القبور.
والثاني : الدنيا.
فاحتقر القوم ما لبثوا لِما عاينوا من الأهوال والعذاب فقالوا :﴿ لبثنا يوماً أو بعض يوم ﴾ قال الفراء : والمعنى : لا ندري كم لبثنا.
وفي المراد بالعادِّين قولان.
أحدهما : الملائكة، قاله مجاهد.
والثاني : الحُسَّاب، قاله قتادة، وقرأ الحسن، والزهري، وأبو عمران الجوني، وابن يعمر :"العادِين" بتخفيف الدال.
قوله تعالى :﴿ قال إِن لبثتُم ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر :"قال إِن لبثتم".
وقرأ حمزة، والكسائي :"قل إِن لبثتم" على معنى : قل أيها السائل عن لبثهم.
وزعموا أن في مصحف أهل الكوفة "قل" في الموضعين، فقرأهما حمزة، والكسائي على ما في مصاحفهم، أي : ما لبثتم في الأرض ﴿ إِلاَّ قليلاً ﴾ لأن مكثهم في الأرض وإِن طال، فإنه مُتَنَاهٍ، ومكثهم في النار لا يتناهى.
وفي قوله :﴿ لو أنَّكم كنتم تَعْلَمون ﴾ قولان.
أحدهما : لو علمتم قدر لبثكم في الأرض.
والثاني : لم علمتم أنكم إِلى الله ترجعون، فعملتم لذلك. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾