وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾
أي مهملين كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب عليها ؛ مثل قوله تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [ القيامة : ٣٦ ] يريد كالبهائم مهملاً لغير فائدة.
قال الترمذيّ الحكيم أبو عبد الله محمد بن عليّ : إن الله تعالى خلق الخلق عبيداً ليعبدوه، فيثيبهم على العبادة ويعقابهم على تركها، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد أحرار كرام من رق الدنيا، ملوك في دار السّلام ؛ وإن رفضوا العبوديّة فهم اليوم عبيد أُبّاق سُقّاط لئام، وغداً أعداء في السجون بين أطباق النيران.
و"عَبَثاً" نصب على الحال عند سيبويه وقُطْرُب.
وقال أبو عبيدة : هو نصب على المصدر أو لأنه مفعول له.
﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ فتجازون بأعمالكم.
قرأ حمزة والكسائيّ "تَرْجِعون" بفتح التاء وكسر الجيم من الرجوع.
قوله تعالى :﴿ فَتَعَالَى الله الملك الحق ﴾
أي تنزّه وتقدّس الله الملِك الحق عن الأولاد والشركاء والأنداد، وعن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سفهاً ؛ لأنه الحكيم.
﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش الكريم ﴾ ليس في القرآن غيرها.
وقرأ ابن مُحَيْصِن وروي عن ابن كثير "الكرِيمُ" بالرفع نعتاً لله.
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾
أي لا حجة له عليه ﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾ أي هو يعاقبه ويحاسبه.
﴿ إِنَّهُ ﴾ الهاء ضمير الأمر والشأن.
﴿ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾ وقرأ الحسن وقتادة "لا يَفْلَح" بالفتح من كذب وجحد ما جئت به وكفر نعمتي.
ثم أمر نبيّه عليه الصلاة والسلام بالاستغفار لتقتدي به الأمة.
وقيل : أمره بالاستغفار لأمته.