نعم قوله تعالى :﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ صفة لازمة لإلها لا مقيدة جىء بها للتأكيد، وبناء الحكم المستفاد من جزاء الشرط من الوعيد بالجزاء على قدر ما يستحق تنبيهاً على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلاً عما دل الدليل على خلافه، ويجوز أن يكون اعتراضاً بين الشرط والجزاء جىء به للتأكيد كما في قولك : من أحسن إلى زيد لا أحق منه بالإحسان فالله تعالى مثيبه.
ومن الناس من زعم أنه جواب الشرط دون قوله تعالى :﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ ﴾ وجعله تفريعاً على الجملة وليس بصحيح لأنه يلزم عليه حذف الفاء في جواب الشرط ولا يجوز ذلك كما قال أبو حيان إلا في الشعر.
والحساب كناية عن المجازاة كأنه قيل : من يعبد إلهاً مع الله تعالى فالله سبحانه مجاز له على قدر ما يستحقه ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾ أي إن الشأن لا يفلح الخ.
وقرأ الحسن.
وقتادة ﴿ أَنَّهُ ﴾ بالفتح على التعليل أو جعل الحاصل من السبك خبر ﴿ حِسَابُهُ ﴾ أي حسابه عدم الفلاح، وهذا على ما قال الخفاجي من باب
: تحية بينهم ضرب وجيع...
وبهذا مع عدم الاحتياج إلى التقدير رجح هذا الوجه على سابقه وتوافق القراءتين عليه في حاصل المعنى، ورجح الأول بأن التوافق عليه أتم، وأصل الكلام على الأخبار فإنما حسابه عند ربه أنه لا يفلح هو فوضع ﴿ الكافرون ﴾ موضع الضمير لأن ﴿ مِنْ يَدُعُّ ﴾ في معنى الجمع وكذلك حسابه أنه لا يفلح في معنى حسابهم أنهم لا يفلحون.
وقرأ الحسن ﴿ يُفْلِحُ ﴾ بفتح الياء واللام، وما ألطف افتتاح هذه السورة بتقدير فلاح المؤمنين وإيراد عدم فلاح الكافرين في اختتامها، ولا يخفى ما في هذه الجمل من تسلية رسول الله ﷺ وكأنه سبحانه بعد ما سلاه بذكر مآل من لا ينجع دعاؤه فيه أمره بما يرمز إلى متاركة مخالفيه فقال جل وعلا.