وهذه الآية مقيدة لآية الحبس المار ذكرها في الآية ١٤ من سورة النّساء، وهذا هو السّبيل الذي وعد اللّه به هناك وشرعه في الزانية والزاني الذي أوجب عليهما الأذى أولا في الآية ١٥ منها أيضا لأنها مخصصة لها أيضا وللتعذيب الوارد في السّنة، ولا يجري حد الرّجم والجلد على أهل الكتاب وغيرهم إلا إذا تحاكموا عندنا لنبوته في التوراة التي هي مرجع عام لمن كان قبل نزول القرآن، أما الإنجيل فلا أحكام فيه كافية لما يتعلق بأمور العباد جميعها، ولذلك يرجع للتوراة فيما لم ينص عليه الإنجيل المعدل لبعض أحكامها، وقد جاء في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فذكروا له أن امرأة منهم ورجلا زنيا، فقال صلّى اللّه عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرّجم ؟ فقالوا نفضحهم ويجلدون، فقال عبد اللّه بن سلام كذبتم فيما زعمتم إن فيها الرّجم، فأتوا بالتوراة فسردوها فوضع عبد اللّه بن صوريا يده على آية الرّجم وقرأ ما قبلها وما
بعدها، فقال له عبد اللّه بن سلام ارفع يدك، فرفع يده فإذا آية الرّجم فقالوا صدق يا محمد، فأمر بهما النّبي صلّى اللّه عليه وسلم فرجما، ومن هنا لم يشترط الإسلام، وما جاء في بعض الأحاديث من اشتراط الإسلام لم نثبت صحتها، والمختار في علم الحديث أنه إذا تعارض الرّفع والوقف حكم بالرفع عند صحة الطّريق إليه، وما ورد في هذا الشّأن لم يصح طريقه صحة معتبرة.
هذا وإن سؤال حضرة الرّسول اليهود لا ليعلم حكم الرّجم لأنه معلوم عنده، بل لتبكيتهم وإظهار كذبهم على ملأ النّاس وعامتهم.


الصفحة التالية
Icon