وقد خالف الإمام أبو حنيفة رحمه اللّه الشّافعي واشترط الإسلام، وإن صاحبه أبا يوسف وافق للشافعي بعدم الاشتراط، والأحسن أن يقال إن الشافعي وافق أبا يوسف لأنه متقدم عليه، وخالف أبا حنيفة لهذه العلة أيضا.
ولما عاب الخوارج على عمر بن عبد العزيز قوله بالرجم لأنه ليس في كتاب اللّه ألزمهم بأن أعداد ركعات الصّلاة ومقادير الزكوات ليسا في كتاب اللّه، فقالوا له ثبت أعدادهما ومقاديرهما بفعله صلّى اللّه عليه وسلم والمسلمين بعده، فقال لهم والرّجم أيضا ثبت بفعله صلّى اللّه عليه وسلم والمسلمين بعده، فألقمهم الحجر وأخرس ألسنتهم، لأن فعل الرّسول وكلامه مفسر للقرآن وواجب العمل بهما.
وما قاله عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه حسبما رواه البخاري خشيت أن يطول زمان حتى يقول قائل لا نجد الرّجم في كتاب اللّه عز وجل فيضلوا بترك فريضة أنزلها اللّه عز وجل ألا وإن الرّجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، فمن باب الكشف لمعارضة الخوارج وغيرهم فيه، وهذا غير كثير على الفاروق الذي طفحت الكتب بفضائله، وقد ألمعنا إلى بعضها في الآية ٤٤ من سورة الاسراء في ج ١ فظهر من هذا أن الرّجم ثبت بالسنة الصّحيحة واجماع الصّحابة والأمة الاسلامية من بعدهم لا بالقرآن، وليس هذا من باب النّسخ، لأن الآية لها محمل على غير المحصنين، ومن قال أن الرّجم ثبت بالآية المنسوخ تلاوتها وهي (الشيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما) لا يصح لعدم القطع بقرآنيتها وتلاوتها، فضلا عن أنها على غير نمق كلام اللّه الذي لا يشبهه كلام خلقه من كلّ وجه.


الصفحة التالية
Icon