وقيل لا تقبل شهادتهم ولو تابوا، وإن الاستثناء يرجع إلى قوله (أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) والأول أولى، لأن الاستثناء راجع إلى رد الشّهادة كما قاله عمر وابن عباس وغيرهم من كبار الصحابة، ومن هنا أخذت قاعدة الاسقاط من الحقوق المدنية على مرتكبي الجنايات، وقاعدة رجوع هذه الحقوق إليهم باستحصالهم على قرار من الحكومة، وهذا الحكم الثالث من الآيات البينات، والحكم الرّابع بينه بقوله "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ" على صحة قولهم "إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ" على رميهم "أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ" (٦) في رميه زوجته "وَالْخامِسَةُ" يزيد فيها جملة "أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ" (٧) فيما رماها به، وبهذا ينجو من إيقاع حد القذف عليه، والحكم الخامس هو "وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ" الحد الذي ترتب عليها بشهادات زوجها المخمسة المقرونة
باللعن "أَنْ تَشْهَدَ" هي أيضا على نفسها "أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ" (٨) فيما رماها به "وَالْخامِسَةَ" تزيد فيها ما أشار اللّه إليه بقوله "أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ" زوجها "مِنَ الصَّادِقِينَ" (٩) فيما رماها به من الزنى لا في شهاداته المخمسة، وهو كذلك يقرن اللعن في الشّهادة الخامسة فقط، وجعل الغضب في جانبها بمقابل اللّعن الذي بجانبه لأنهن يستعملنه كثيرا، فربما جر أن عليه لكثرة جريه على لسانهن وسقوط وقوعه عن قلوبهن ليكون رادعا لهن.
أخرج في الصّحيحين عن سهل بن سعد السّاعدي أن عويمر العجلاني جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وقال له أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقنلونه أم كيف يفعل ؟


الصفحة التالية
Icon